هل تعلم أن أحدث النتائج التي توصل إليها علم الأعصاب تشير إلى أن المواد المتكررة هي الأكثر فعالية في عملية التعليم؟ هل انت متفاجئ؟ لماذا ينجح “التكرار في التعليم”؟ كيف نتعلم؟ كيف تتجنب المحتوى المتكرر الممل؟ هذه أسئلة مثيرة للاهتمام ومهمة، سواء بالنسبة للمعلمين أو المتعلمين. نحاول تقديم بعض القرائن في هذه المقالة.
كيف نتعلم؟
تعد عملية التعلم واحدة من أكثر العمليات تعقيدًا وفي نفس الوقت أكثر العمليات إثارة للاهتمام في الجهاز العصبي للدماغ البشري. يحدث هذا على أساس عملية أكثر أساسية تسمى “الالتزام بالذاكرة”. لكي نفهم كيف يحدث “التعلم”، يجب علينا أولاً أن نفهم كيف تعمل الذاكرة البشرية.
ننصحك بمقال ” صدقني، العقل البشري ليس قرص فلاش!” » اقرأ على موقع Madiresabz. إن ذاكرة الدماغ البشري مثل السقالة وليست الحاوية؛ وهذا يعني أنه لا يتم سكب محتوى ومعلومات جديدة فيه، ولكن “أشرطة المعلومات الجديدة” يتم “ربطها” بـ “سقالات المعرفة” الحالية لديك. تقوم الذاكرة أيضًا بمسح المعلومات المخزنة بانتظام، خاصة في الليل، أثناء النوم، وتعزز المحتوى ذي الصلة والقيم (من حيث اهتماماتك وتجاربك الحياتية). كيف يفعل الدماغ هذا ولماذا؟ أولاً، دعونا نرى لماذا نتجنب المحتوى المتكرر.
ما هو الملل ولماذا يحدث “الابتكار”؟
يبحث العقل البشري باستمرار عن المعلومات والأخبار الجديدة بسبب طبيعته الفضولية. يطلق علماء الأعصاب على هذه الخاصية المميزة للدماغ اسم “البحث عن الحداثة”. نحن نبحث باستمرار عن أخبار جديدة ومنتجات جديدة ودروس جديدة وأشياء جديدة أخرى. والسبب هو أن الدماغ يفرز بعض الدوبامين عند اكتشاف شيء جديد. الدوبامين هو أساس المتعة في الدماغ. في كل مرة يصلك إشعار جديد أو رسالة جديدة على هاتفك المحمول، ينفد صبر الدماغ للوصول إلى مرحلة إطلاق الدوبامين.
الشعور بالملل يأتي من عدة عوامل مختلفة. ومن أهم العوامل هذه الغريزة “المبتكرة”. إذا رجعت إلى ذكريات أيام الدراسة، فمن المؤكد أنك ستتذكر أنه في الفصل الدراسي، كان الطلاب ينفد صبرهم باستمرار حتى يتمكن المعلم من اجتياز الدرس الحالي ويقلب صفحات الكتاب للوصول إلى الدرس الجديد.
الفرق بين “الابتكار” و”التعلم”
خطأنا هو الخلط بين الشعور بالمتعة الناتج عن “الابتكار” و”التعلم”. الابتكار هو “اكتشاف”، وليس “تعلم”. لأننا عندما نتعلم شيئًا ما، نتذكره لفترة طويلة. بعض دروس الحياة لا تُنسى أبدًا؛ لكن الاكتشافات غالبًا ما تُنسى. متعة إطلاق الدوبامين لا تدوم أكثر من بضع ثوان وبعد دقائق ننسى ذلك الخبر أو المنتج أو الإشعار أو الرسالة الجديدة؛ لأن آلية “سقالات الذاكرة” لم تجد القضبان المناسبة لتوصيل المعلومات الجديدة.
نقطة أخرى مهمة هي أن “الاكتشاف” ليس بالضرورة ذا قيمة. يمكنك الانغماس في منشورات Instagram والشبكات الاجتماعية الأخرى من الصباح إلى المساء؛ ولكن ما المغزى من أنك لن تتذكر غدًا ولو واحدًا بالمائة مما قرأته أو رأيته؟ التعلم لم يحدث حقا هنا.
كيف نتعلم؟
التعلم، في الواقع، ليس أكثر من “توحيد المعلومات المخزنة” في الذاكرة. تتخلص الذاكرة بانتظام من المعلومات غير المثبتة لتسهيل الوصول إلى المعلومات المهمة في منصة المعرفة في الدماغ. يتم توحيد المعلومات عن طريق إعادة تمرير الكهرباء عبر الخلايا العصبية لتكوين مفهوم أو معنى. “عملية التكرار” تمنح البيانات الجديدة التي دخلت الدماغ فرصة “للتثبيت” في سقالة المعلومات. يتطلب هذا العمل طاقة، وإرهاق الدماغ أمر لا مفر منه.
إذا شبهنا الكلمات والمفاهيم المسجلة في كتلة الخلايا العصبية بالمصابيح الكهربائية في مشهد من الأضواء، فإن المعلومات الثابتة تشبه المصابيح التي تمر عبرها كمية أكبر من الكهرباء، أكثر سطوعًا وأسهل في الرؤية. بينما تمر من خلالها المصابيح الأصغر حجمًا أو تلك التي تحتوي على القليل من الكهرباء، إلا أنها بالكاد تومض ولا يمكن اكتشافها من مسافة بعيدة.
كيف يساعد التكرار في التعلم؟
تخيل أنك تريد أن تتذكر جملة “حافظية هي قبر حافظ في شيراز”. تكرار كلمة “حافظ” على أنها “حافظية” يجبر دماغك على تمرير الكهرباء مرتين عبر الخلايا العصبية المخصصة لاسم الشاعر لاسترجاع كلمة “حافظ”. سيساعدك هذا على تذكر الكلمة بسهولة أكبر لاحقًا.
إذا سافرت إلى شيراز، فإن آلية تجميع المعلومات ستساعدك على أن تتذكر على الفور أن الحفيظية موجودة هنا، وستساعدك تجربة التواجد في المدينة نفسها على تكرار وإعادة ترسيخ هذا المفهوم في عقلك. النقطة المثيرة للاهتمام في هذا المثال هي تجنب الملل في التكرار. هل لاحظت أنه كان هناك القليل من الأجواء الجديدة مع كل تكرار؟ كلمة “حافظية” تختلف قليلاً عن كلمة “حافظ”. العنصر الصغير والجديد فيه سوف يرضي إحساسك بالحداثة. بالإضافة إلى ذلك، من خلال السفر وزيارة المكان، تكون قد لمست المفهوم عن كثب بدلاً من قراءة الجملة؛ تجربة تترك متعة مختلفة من “الابتكار” وهذه الجملة ثابتة في دماغك إلى الأبد.
إذا كنت شاملة
إذا كنت طالبًا أو طالبًا أو متعلمًا في أي دورة، فلا تخلط بين غريزة “الابتكار” و”التعلم”. الاكتشاف لا يؤدي بالضرورة إلى التعلم إلا إذا جاء من تجربة جادة. قم بتغيير الطريقة التي تنظر بها إلى المحتوى المتكرر. التكرار هو صديقك. المعلومات الجديدة زلقة ومتقلبة مثل الأسماك الحية. التكرار هنا للمساعدة في تعزيز هذه المعلومات المضطربة.
يستخدم البروفيسور جون دونلوسكي، أستاذ علم النفس من جامعة كينت، والذي أمضى سنوات في البحث عن طرق فعالة وغير فعالة للقراءة والتعلم، مصطلح خطأ طلاقة القراءة لوصف هذه الظاهرة. عند الدراسة والاستعداد للامتحانات، كثيرا ما يخلط الطلاب بين “طلاقة المادة” وسهولة “فهم المادة لحظة القراءة” مع “التعلم” وفي جلسة الامتحان يتساءلون لماذا المادة التي بدت وكأنها بطلاقة من الصعب أن نفهم أنهم يتذكرون باستخدام ممارسة الاسترجاع، أو “محاولة تذكر” ما قرأته قبل ساعة، يمكنك إجبار عقلك على إعادة توصيل المواد الجديدة العالقة في عقلك لإصلاحها قبل أن تتلاشى.
إذا كنت معلما
ومن خلال تنويع طريقة تكرار المفاهيم، يمكن تجنب التكرار دون إزالة عنصر “التكرار” الأساسي من عملية التعلم. لا يمكن ذكر المفهوم إلا للمرة الأولى (على سبيل المثال، في ندوة). في المرة الثانية سأل الجمهور سؤالاً، وفي المرة الثالثة روى ذكرى. وفي المرة الرابعة عرض فيلماً قصيراً يحتوي على نفس المحتوى. وفي المرة التالية، قام بتشغيل نفس الشيء بصوت راوي آخر (على سبيل المثال، خبير آخر). ربما كتب شاعر أو مغني نفس المفهوم في أغنية. بمجرد أن نتمكن من نقل المحتوى إلى جمهور أحادي الاتجاه، يمكننا تقديمه بشكل تفاعلي في وقت آخر. ومن خلال التغيير المستمر لـ “شكل” التعبير، من الممكن إشباع إحساس الجمهور بـ “الحداثة” من أجل البقاء مخلصًا لمبدأ تكرار المفاهيم المهمة.
ففي نهاية المطاف، تكرار المفهوم أيضًا يجعل من السهل إنتاج محتوى تعليمي. إذا وقعنا باستمرار في فخ البحث عن مواد جديدة وحديثة لتجنب اتهامنا بتقديم مواد متكررة من قبل المتعلمين، فسوف تكون أمامنا مهمة مرهقة لإنتاج المحتوى وسرعان ما سنفتقر إلى العثور على مواد جديدة. اعتمادًا على مدى اهتمامك بـ “التدريس” ومدى رغبتك في أن تبدو رائعًا ومثيرًا للاهتمام و”جديدًا” لجمهورك (حتى تزدهر مبيعاتك)، يمكنك إيجاد توازن بين “الجدة” و”التكرار”. .