كيف تصنع هويتك التدريبية الفريدة وتتميّز عن المدربين الآخرين؟
“الناس لا يشترون ما تفعله، بل يشترون لماذا تفعله.”
— سايمون سينك، ابدأ مع لماذا – Start With Why
في عالمٍ تزدحم فيه العروض التدريبية، وتشابهت فيه السير الذاتية، لم يعد يكفي أن تكون مدربًا جيدًا، ولا أن تملك شهادة معتمدة، ولا حتى أن تُتقن الإلقاء.
المشكلة اليوم ليست في قلة المدربين، بل في كثرة المتشابهين.
وهنا تبدأ معركتك الحقيقية:
أن تصنع هوية تدريبية تُشبهك، وتُشبه جمهورك، ولا تُشبه أحدًا آخر.
الفصل الأول: لماذا الهوية التدريبية أهم من الخبرة؟
في دراسة أجرتها منصة Thinkific في 2022 على أكثر من 12 ألف مدرب مستقل حول العالم، وُجد أن المدربين الذين يملكون “رسالة واضحة وهوية مميزة” حققوا دخلًا سنويًا يزيد بنسبة 47% عن أولئك الذين يركّزون فقط على عرض خبراتهم ومهاراتهم.
السبب بسيط:
الجمهور لا يتذكر المدرب الأفضل، بل المدرب الذي لمس شيئًا في داخله.
الهوية التدريبية هي وعدك للناس، هي الكلمة التي يُلخّصك بها الآخرون عندما لا تكون حاضرًا.
الفصل الثاني: ما هي الهوية التدريبية فعلًا؟
ليست شعارًا.
ولا سيرة ذاتية منمقة.
ولا مجرد ألوان وتصميم حساب.
الهوية التدريبية هي الجواب العميق عن الأسئلة التالية:
- لماذا تدرب؟
- من تخاطب؟
- ما الفكرة التي تكررها دائمًا حتى لو لم تقلها؟
- ما الذي يميز “نبرة صوتك” عن غيرك؟
- ماذا سيشعر المتدرب بعد الجلسة معك، قبل أن يتذكّر ما قلته له؟
الهوية التدريبية ليست ما “تُعلن عنه”، بل ما “يظنه الناس عنك باستمرار”.
الفصل الثالث: خمس خطوات لصياغة هوية تدريبية لا تُنسى
1. اكتشف “لماذا” الخاصة بك
توقّف عن سؤال:
“ما الذي أدرّبه؟”
وابدأ بسؤال:
“لماذا أدرّب أصلاً؟”
هل لأنك مررت بتجربة صعبة وتريد مساعدة من يشبهك؟
هل لأنك تتقن مهارة معينة وتريد تحويلها إلى تأثير؟
هل لأنك تريد تغيير نظرة الناس إلى موضوع معين؟
مثال:
مدرب اسمه محمد، ترك وظيفة في البنوك بعد 10 سنوات. رسالته التدريبية أصبحت:
“مساعدة من يشعر أنه ضائع وظيفيًا على بناء مساره العملي من جديد”
هذه ليست “مهارة”… بل “سبب” يجعل الجمهور يتعلّق به.
2. حدّد جمهورك بوضوح
لا تحاول تدريب الجميع.
من تحاول خدمته؟
طالب جامعي؟ رائد أعمال؟ أمّ عاملة؟
كل جمهور له لغة، وألم، وأحلام.
كلما وضحت صورتهم في ذهنك، وضحت صورتك في أذهانهم.
3. صمّم صوتك التدريبي
هل أسلوبك هادئ أم حماسي؟
هل تستعمل القصص؟ الرسوم؟ التمرينات؟
كل هذا يكوّن “نبرة صوتك التدريبية”، مثل أسلوب المعلمين الذين لا ننسى طريقة شرحهم رغم مرور السنين.
4. ابحث عن 3 كلمات تصفك
كأنها وسم داخلي.
مثلاً:
- واضح – عملي – محفّز
- عاطفي – تأملي – روحاني
- منطقي – ساخر – مباشر
هذه الكلمات تصبح البوصلة في كل جلسة، منشور، برنامج أو مقابلة.
5. اصنع إطارًا بصريًا يدعم هويتك
اختر ألوانًا، خطًا، وتصميمًا يعكس ما في داخلك.
هل تريد أن يشعر الناس بالثقة؟ استخدم ألوان الأرض.
بالهدوء؟ اختر الأزرق والرمادي.
بالطاقة؟ الأحمر والبرتقالي.
لا تهتم فقط بما “يبدو جميلًا”، بل بما “يشبهك”.
الفصل الرابع: دراسة حالة – من عاملة اجتماعية إلى مدربة عالمية
“برينيه براون”، باحثة أمريكية في مجال الشجاعة والضعف، لم تبدأ كمدربة.
بل كانت محاضرة جامعية تُدرّس البحث الكيفي.
لكنها في إحدى المحاضرات قررت أن تشارك “ضعفها الشخصي” أمام جمهورها.
هنا بدأ الجمهور يرى فيها شيئًا مختلفًا.
تحوّلت من “أكاديمية” إلى “مدربة تلامس القلب”.
واليوم، بفضل هذه الهوية الصادقة، أصبحت كتبها ضمن الأكثر مبيعًا، ومحاضرتها في TED تعدّت 50 مليون مشاهدة.
الدروس؟
- هويتك التدريبية لا تحتاج أن تُخترَع… بل أن تُكتشَف.
- ما تعتبره ضعفًا، قد يكون جوهر تفرّدك.
الفصل الخامس: كيف تعرف أنك أصبحت “مدربًا مميزًا”؟
ليس بعدد الشهادات.
ولا بعدد المتابعين.
بل عندما يبدأ الناس بقول:
“أسلوبك يختلف”
“كأنك تتحدث عني”
“كأنك تعرف بالضبط ما أمرّ به”
حينها، اعلم أن هويتك بدأت تعمل نيابةً عنك.
الخاتمة: لا تُشبه أحدًا… لأن أحدًا لا يشبهك
الهوية التدريبية ليست “غلافًا خارجيًا”، بل هي النية الداخلية التي تشعّ في كل ما تقدمه.
هي ليست ما تقوله، بل كيف يشعر الناس بعد لقائك.
ولا تحتاج ميزانية… بل صدقًا، وشجاعة في أن تكون نفسك.
ابدأ بالكتابة الآن:
- لماذا أدرب؟
- من أريد أن أساعد؟
- ما الشيء الذي لا أريد التنازل عنه أبدًا؟
من هنا تبدأ الحكاية.
ومن هنا… تبدأ هويتك.